لقد علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كل شيء في حياتنا اليومية. وعند النوم هنالك وضعية يجب على المؤمن أن يتقيد بها، وهي أن ينام على جنبه الأيمن.
(إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اضطجع على شقك الأيمن ثم قل: اللهم أسلمت وجهي إليك وفوضت أمري إليك وألجأت ظهري إليك رغبة ورهبة إليك لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك آمنت بكتابك الذي أنزلت وبنبيِّك الذي أرسلت فإن مت من ليلتك فأنت على الفطرة واجعلهن آخر ما تتكلم به) [رواه البخاري ومسلم].
فكما نعلم عندما يأوي الإنسان إلى فراشه للنوم فإنه سيبقى عدة ساعات نائماً، وهذه الفترة مناسبة لنموّ وتكاثر مختلف أنواع الجراثيم التي علقت في جسمه خلال اليوم. لذلك فإن الوضوء يقوم بتنظيف معظم هذه الجراثيم.
إن مضمضة الفم أثناء الوضوء تخلص الفم من ملايين الجراثيم الموجودة فيه، والتي لو تركت لزاد عددها أضعافاً خلال فترة النوم. كما أن تنظيف الأنف باستنشاق الماء يخلصه من عدد كبير من الغبار والجراثيم العالقة به. كما أن غسل الوجه واليدين في عملية الوضوء يزيل معظم الغبار والجراثيم العالقة على الجسد والتي تعيق عمل خلايا الجلد وتسدّ مساماته. إذن نظافة الجسم قبل النوم ضرورية للوقاية من العديد من أمراض الفم والأنف والجلد وغيرها.
إن النوم على الجنب الأيمن يخفف ضغط الرئة على القلب، فكما نعلم يقع القلب على الجانب الأيسر وإذا نام الإنسان على هذا الجانب الأيسر فإنه يسبب ضغط الرئة عليه ويعيق عمله. أما الكبد الذي يقع على الجانب الأيمن يستقر عمله عند النوم على الجنب الأيمن وتستقر عليه المعدة براحة مما يسهل عمل المعدة وهضم ما بقي فيها من الطعام.
فكما نعلم عندما يذهب الإنسان للنوم يكون محمَّلاً بأعباء نفسية طيلة يومه كل هذه الأحداث سوف تتفاعل عند نومه وقد تسبب له أحلاماً مزعجة أو عدم استقرار في النوم. لذلك جاء الهدي النبوي ليأمرنا بتفريغ الشحنات النفسية المزعجة قبل النوم من خلال الالتجاء إلى الله تعالى والاعتراف بتسليم الأمر لله تعالى.
إن هذا الدعاء مع اليقين به يخلِّص المؤمن من مختلف الاضطرابات النفسية الناتجة عن حياته اليومية. وتأمل معي قوله عليه الصلاة والسلام: (وفوضت أمري إليك)، إنه تصريح من المؤمن واعتراف بتفويض كل أمره وهمومه ومشاكله ومصاعبه إلى الله تعالى.
إن بقاء هذه الهموم النفسية قد يؤدي إلى تراكمها وتفاقمها وتحولها إلى أمراض نفيسة. وهذا ما نجده عند غير المؤمنين الذي يعانون من القلق والاكتئاب ومختلف الانفعالات النفسية.
ومع هذا الدعاء لا داعي للقلق لأن الله تعالى سيتولى حلّ الصعوبات التي تعترض المؤمن، ولا داعي للاكتئاب لأن رب العلمين سبحانه سيعالج الأشياء التي لا يرضى عنها المؤمن ويجعله راضياً قانعاً بما قسم له الله من الرزق والقدر.
ولا داعي للخوف لأن الالتجاء والاحتماء بالله تعالى هو أفضل وسيلة لعلاج الخوف، فكيف يخاف المؤمن والله معه؟ إذن في هذا الحديث النبوي الشريف علاج لأمراض القلب المادية والنفسية. فهل نطبق هذا الشفاء النبوي الذي لا يستغرق سوى بضع دقائق كل ليلة؟ وهل هنالك أجمل من أن تكون حياتنا مثل حياة خير البشر عليه الصلاة والسلام؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق