يمكن أن يتصور أي شخص
مدى الفراغ والألم النفسي الذي يتعرض له الإنسان الذي حرم من حنان الأم وخصوصا في
المراحل الأولى من حياته.
فالطفل الرضيع الصغير الذي لا يتعدى عمره الأيام القلائل
بل بالتدقيق من اللحظة الأولى لمولده يستطيع أن يتعرف على أمه بطريقة عجيبة لأنه
اعتاد على سماع نبضات قلبها وهو في أحشائها وهذا الشعور ألغرائزي الذي وضعه الله في
الطفل هو الذي يجعله يستكين بين يديها من اللحظة الأولى لمولده وكأنه يعرف يقينا
أنه بأيد أمينة ولا حاجة له للقلق على حياته.
ولكن تشاء الظروف أحيانا
ألا يتمتع الطفل بهذه الرعاية لعدة أسباب والغالب تكون خارجة عن رغبة الأم مثل
الوفاة أو المرض الشديد الذي لا يمكنها من رعاية وليدها وإرضاعه وقد يتعدى الحرمان
من الأمومة إلى مراحل عمرية متقدمة مثل انفصال الوالدين (الطلاق).
ولكن المتأثر الأول في
مثل هذه الحالات هو الطفل الذي يتعرض لاضطرابات نفسية شديدة وخصوصا أنه بحاجة ماسة
إلى علاقة دافئة وحنونة ومستمرة مع أمه مهما كانت المرحلة العمرية التي يمر بها.
وقد يتعرض الطفل للحرمان
من حضن ودفء أمه لفترات قصيرة نتيجة عمل الأم أحيانا والتواجد في رعاية البديلة
التي قد تكون من الأقارب كالجدة أو العمة والخالة وأحيانا إنسانة غريبة تماما مثل
عاملة المنزل التي تمضي مع الطفل معظم ساعات النهار إلى أن ترجع الأم من العمل.
وقد يتعرض الطفل للحرمان
من حنان الأمومة رغم وجود أمه إلى جانبه وهذه الحالة تحدث عندما تمارس الأم الإهمال
وعدم العناية الصحيحة بالطفل، وتظهر أعراض هذا الإهمال الشديدة على الطفل وخصوصا في
السنوات الثلاث الأولى من حياته وتترك أثرا يستمر إلى مدى الحياة.
وما نود طرحه هنا أنه
مهما كانت حالة الحرمان الذي يمر بها الطفل فالأعراض لابد أن تظهر في حياته النفسية
والعقلية.
فقد يتأثر تطور قدرات
الطفل العقلية من حيث نقص المؤثرات والحوافز سواء من الألعاب أو وسائل الإيضاح التي
تمارسها الأم مع الطفل عندما تكون رعايتها له صحيحة وكاملة وذلك بتشجيعه عند القيام
بأي عمل مميز أو أي خطوة صحيحة في نموه كالمشي والاعتماد على النفس في الطعام
والشراب وذلك عند التصفيق له واحتضانه لقيامة بمثل هذه المهارات مما يشجعه على
التقدم في اكتساب المهارات العقلية والجسمية وهذا ما يحرم منه الطفل الذي لا يجد
الأم تحيط به خلال مراحل نموه الأولى.
أعراض أخرى تظهر على
الطفل المحروم من حنان الأم وهي القلق الدائم والعدوانية والمشاكسة أو بالعكس قد
تبدو عليه أعراض الاكتئاب والانزواء بالإضافة إلى التبول اللاإرادي والاضطرابات
العصبية.
إن صمام الأمان هذا الذي
يتوفر بوجود الأم في حياة طفلها وجودا كاملا وشاملا يزود الطفل بالثقة العالية
بالنفس والجرأة والتوازن العاطفي والنفسي مما يساعده على النمو الصحيح بعيدا عن
الأخطار التي قد تحيط به نتيجة غياب أمه ولا يمكن أن نجد البديل عن الأم للقيام
بمثل هذه الرعاية الكاملة التي وهبها الله للأم لكي تكون مسئوليتها الأولى تجاه
أولادها وتجاه المجتمع.
فالأولاد عطية من الله
ونحن مسئولون عن هذه الوكالة التي أوكلها الله إلينا ولابد من الشعور الكامل
بالمسئولية هذه بعيدا عن الأنانية والهروب فإن قرار إنجاب الأطفال هو قرار واع
وعاقل وعلى كل من يقرر أن ينجب أطفال ويؤسس عائلة أن يضع في قلبه أن هذه الخطوة
تحتاج إلى تضحية كبيرة وتفرغ كامل لاحتياجات الطفل والترفع عن كل الأمور التي قد
تسبب حرمان الطفل من حنان والديه.
اللهم اجعل قارئ رسالتي
ممن قلت فيهم :(ياجبريل إني أحب فلان فأحبوه)
مدونة
أسكي جروب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق