تستطيع أن تتحمل رئيسك في العمل إذا تحدث معك بخشونة
أو شيء من التعنيف، حيث ستقبل منه ذلك بنوع من الصبر وسعة الصدر؛ خوفاً من عواقب
الرد عليه بالمثل!! لكنك لن تقبله أبداً من فقير لست بحاجة إليه مطلقاً، وتنظر إليه
نظرة دونية، حتى لو كان هذا الانفعال منه؛ بسبب ما يعتقده من دفاع عن حقٍ له!! إذ
سوف ترد عليه الصاع صاعين، وسوف تصب عليه جام غضبك؛ لأنك لا تخشى في قرارة نفسك من
عواقب قيامك بذلك؛ نظراً لضعفه!! وهذه هي مساحة الطغيان في نفسك!!
تستطيع أن تبتسم في وجه من ترجو منه منفعةً مادية أو مالية؛ حتى لو لم تكن تطيقه!!
لكنك لن تستطيع أن تفعل ذلك أبداً، لو جاءك نفس الشخص في حاجة وأنت الذي تملكها!!
وهذه هي مساحة الطغيان في نفسك!!
تستطيع أن تتهاون في الصغائر، وتوسع على نفسك بالعديد من الترخص حال السعة
والرخاء، وقد يصل بك الأمر إلى الوقوع في محرمات الخلوات؛ بسبب هذا الاسترخاء وتلك
السعة!! لكنك لا تستطيع أبداً أن تفعل ذلك، لو أحاطت بك الشدائد من كل جانب، والتصق
قلبك بالله؛ طلباً لتفريج تلك الكرب عنك!! وهذه هي مساحة الطغيان في نفسك!!
فهل رأيتم ميزاناً أدق في وصف حيِّز الطغيان في
النفس البشرية من هذا الميزان؟!
فسبحانك ربي ما أحكمك وما أعلمك!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق