صيام ستة أيام من شوال بعد رمضان سنة مؤكدة ، وجاء في
الترغيب فيها أن من صامها بعد رمضان فكأنما صام السنة كلها ، وعليه فمن واظب على
ذلك كل سنة فكأنما صام عمره كله.
وقد كره الإمام مالك صيام هذه الأيام مخافة أن يعتقد الناس وجوبها ، ولكن مثل هذه
التخوفات لا تبطل السنن الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
و شهر شوال كله محل لصيام هذه الأيام ، فتحصل السنة بصيام أي ستة من شهر شوال من
أوله ، أو وسطه ، أو آخره فيما عدا يوم العيد ، وليس شرطا أن تكون الأيام متتالية.
يقول الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي
حث النبي صلى الله عليه وسلم على إتباع صيام رمضان ، بست من شوال ، فقد روى عنه أبو
أيوب الأنصاري: من صام رمضان ثم أتبعه ستًا من شوال فكأنما صام الدهر
كله (رواه مسلم في الصيام - 1164، وأبو داود - 2433،
والترمذي -759 وابن ماجة
- 1716).
وقد جاء تفسير ذلك في حديث آخر يقول : صيام شهر بعشرة أشهر وصيام ستة أيام بشهرين،
فذلك صيام العام.
وهل المطلوب في هذه الأيام إلحاقها برمضان مباشرة ، بحيث يبدأ صومها من اليوم
التالي للعيد ، كما يدل عليه لفظ (أتبعه) ، أم يكفي أن تكون في شوال ، وشوال كله
تابع لرمضان؟
هذا ما اختلف فيه الفقهاء ، ولكني أميل إلى الرأي الثاني.
وانفرد الإمام مالك رضي الله عنه ، بالقول بكراهة صيام هذه الأيام الستة خشية أن
يعتقد الناس أنها جزء من رمضان، ويلزموا بها أنفسهم ، وينكروا على من تركها،
فكرهها من باب سد الذرائع ذكر الإمام الشاطبي أن بعض العجم وقعوا في مثل ذلك حيث
تركوا كل مراسم رمضان ومظاهره من إضاءة المآذن ومرور المسحرين على الناس وغير ذلك
إلى اليوم السابع من شوال ، ولكن مثل هذا الخرف لا ترد به السنة ، ويجب أن يُعلَّم
الجاهل.
وذكر مالك في الموطأ : أنه ما رأى أحدًا من أهل العلم يصومها ، قال الشوكاني : ولا
يخفى أن الناس إذا تركوا العمل بسنة لم يكن تركهم دليلاً ترد به السنة. أهـ يؤكد
ذلك أن ابن عباس ذكر أن في القرآن آيات ترك الناس العمل بها ، مثل آية :"وإذا حضر
القسمة أولو القربى" وغيرها ، ولكن إذا صح الحديث بصومها فلا مجال للرأي هنا،
وخصوصًا إذا رجحنا عدم إلصاقها برمضان مباشرة ولعل السر في استحباب صيام هذه الأيام
من شوال أن يظل المسلم موصول الحبال بطاعة ربه ، فلاً تفتر عزيمته بعد رمضان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق