ياه ما أوجعها من كلمات تدمي القلب وتطلق سراح دمعات حبيسة من زمن بإنتظار تاريخ يندفع ولا يتاخر عن موعده.
لقد هرمنا بإنتظار هذه اللحظة التاريخية. كلمات كان أحمد الحفناوي أو أحمد هرمة نسبة الى كلمته الشهيرة تلك قد أطلقها في واحد من شوارع تونس العاصمة إبان الثورة التي أطاحت بعرش واحد من ديناصورات العرب. هذا الرجل الأشيب الذي تطارده عيون الكاميرات أين ما حل في مقهاه الذي كان يستقبل فيه منتقدي زين العابدين بن علي أو في الشارع ، وعند الجلوس في أماكن منزوية بعيدا عن تلصص رجال الأمن الكريهين ما يزال يتذكر تلك اللحظة التي كان ينتظرها حين تلقى وشعبه الجريح نبأ هروب الطاغية الى بلد ثان علم فيما بعد إنه السعودية. وقف الحفناوي في مواجهة الكاميرا يغالب الدموع ، ويكشف سر فرح مكبوت في ضاحية المحمدية بالعاصمة تونس حين إنبلج الصبح عن خلاص الشعب من دكتاتور أحمق غلب شعبه وأهانه ومشى في قافلة المنتفعين والمرتزقة من الاقارب وأهل الزوجة التي لم تكن تسمع لأنين التوانسة طوال ثلاثة وعشرين عاما تربع فيها زوجها السفاح على مقاليد الأمور وعلى رقاب المساكين الذين نهب خيرات بلادهم، وحولهم الى عبيد لا يملكون من الوطن سوى حق البقاء في حدوده، ولكن تحت سطوة الجلاد. وقف يعبر عن إرادة مغيبة لشعب تونس ثم إكتشف كغيره من الناس إنها إرادة العرب جميعا من المشرق الى المغرب عرب يرون بلادهم يتنعم فيها الأجانب وأتباع السلطان ويرددون مع شاعرهم وفي سرهم ..
ولا فرق إذن بين وصف الشاعر المتنبي لبلاد غريبة لكنها جميلة ومؤنسة غير إنه غريب فيها لا يجد من أهله وصحبه ولغته أثرا ، وبين وصف بلاد سلبوا منه حق الشراكة فيها! المتنبي يقول وهو يصف (شعبا) واديا.
بمنزلة الربيع من الزمان
غريب الوجه واليد واللسان.
هكذا عاش أحمد وبقية العرب لعقود ينتظرون إنهيار أنظمتهم الظالمة. ليحققوا بعض الحلم تراودهم بين الحين والآخر مخاوف إنقلاب ما قد يغير المعادلة ، ويحول الدماء والعذابات الى مجرد عناوين في الصحف وصورا في التلفاز، ولكن برغم تلك المخاوف يحق للعرب أن يشمتوا بحكام أذلوهم وأذاقوهم المرارة طوال عقود من الزمن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق