ذباب القنابل جزء 1 من 2
فهو ذباب غليظ ثقيل مخيف قوى
الطيران له طنين وأزيز مروّع مثل صفير القنابل التي تسقطها الطائرات ومع ذلك فهو لا
يعضّ ولا يلسع ولا حتى يتغذى أصلا.
إن اسم ذباب القنابل يطلق على
حشرات الذباب اليافعة التي تصيب الماشية بالتدويد، حيث تقتلع الديدان من تحت جلد
الماشية من خلال النبش. إننا لا نزال نتكلم عن التدويد. ولقد أخذ ذلك الذباب تسميته
بالقنابل لأنّ ذباباته من الإناث تهجم
كالقنابل بجسمها الكبير الثقيل على الماشية لتضع
عليها بيضها فتسبب ذعرا لها وتجفل الماشية أو الخيل وتتسبب لها الحوادث، وربما تسقط
في ترعة أو مصرف أو تصطدم بجدار وتنكسر أو تقتل فتسبب الخسائر.
تسمى كذلك بالذباب النافخ warble
fly وهى أي نوع من الذباب من أنواع ذباب
عائلة "هيبوديرماتيدى Hypodermatidae" أو
عائلة "أوستريدى Oestridae" حيث تسبب يرقاتها انتفاخات تحت جلد الحيوان أو الإنسان،
والتي تسمى أيضا بذباب "النغف Bot fly" والواسعة الانتشار في أوروبا وأمريكا
الشمالية، ولكنها موجودة أيضا في بلادنا.
الذبابات النافخة التي تسمى "هيبوديرما
لينياتم Hypoderma lineatum" و "هيبوديرما
بوفيس Hypoderma bovis" تسمى أيضا بيرقات الماشية أو ذباب الكعب لأنها تضع بيضها
على كعوب أرجل الماشية، وهى ذبابات كبيرة وثقيلة وتشبه النحل في مظهرها. تضع بيضها
على أرجل الماشية، وتخترق اليرقات جلد الماشية وتهاجر خلال الجسم، ثم تستقر تحت
الجلد على ظهر الحيوان، وتنتج تجمعات من الانتفاخات الجلدية على ظهر الحيوان حول
عموده الفقري. اليرقات الناضجة تخرج من تلك الانتفاخات وتسقط على الأرض لتتحول إلى
خادرات (عذارى). الانتفاخات التي تحت الجلد لها فتحات لخارج الجلد الحي لتتنفس
اليرقات الهواء الطلق من خلالها، مما يؤدى الى ثقب الجلد الحي فتخفض القيمة
التجارية للجلد الناتج من الحيوان. وهناك نوع آخر يسمى "اوديماجينا تاراندى Oedemagena
tarandi" يعتبر من أفات غزال الرّنة والذي يسبب أيضا خسائر اقتصادية كبيرة.
وكلمة "ذباب النغف Botfly" هي أيّ
نوع من الذباب في عائلة ذباب "أوستريدى Oestridae" . إنّ دورة حياة أنواع ذلك النغف
تختلف اختلافا عظيما تبعا للنوع، ولكنّ يرقات كل الأنواع هي طفيليات داخلية
للثدييات. وتختلف أسمائها الشائعة المعروفة باختلاف المناطق فبعض المناطق من العالم
تسميها الذباب النافخ warbleflies ، والبعض الآخر يطلق عليها ذباب الكعب heetflies وغيرها
تسميها ذباب الماشية أو تسمى الذباب المزعج gadflies ، ونحن نعرفها ونطلق عليها
ذباب النغف. يرقات بعض الأنواع تنمو وتعيش في لحم عوائلها، بينما أنواع أخرى تنمو
وتعيش داخل القناة الهضمية للحيوان العائل. ذبابة نغف الإنسان "ديرماتوبيا هيومينيس Dermatobia
hominis" هي النوع الوحيد من ذباب النغف المعروف الذي يستعمل الإنسان بصفة نمطية
كعائل ليرقاته، وذلك بالرغم من أنه ليس النوع الوحيد ولا الأكثر ضررا والذي يسبب
التدويد في
البشر.
وتعرف عائلة ذباب النغف "أوستريدى"
بأنها تضم العائلات التي كانت تسمى "أوستريدى"، و "كوتربريدى" و "جاستروفيليدى"
و"هيبوديرماتيدى" والتي أصبحت الآن تحت عائلات أو عائلات فرعية لعائلة ذباب النغف.
ومن ناحية أخرى فان عائلة النغف "أوستريدى" هي إحدى عائلات فوق عائلة "اوسترويدى Oestroidae" جنبا
إلى جنب مع عائلات "كالليفوريدى", و "رينوفوريدى"
و"ساركوفاجيدى" و"تاكينيدى".
ذلك لأنه من كثرة أنواع الحشرات
المعروفة (أكثر من مليون نوع) فهى قسم إلى "أقسام"، والأقسام تقسم إلى "رتب"،
والرتب تقسم إلى "تحت رتب"، وتحت الرتب تقسم إلى "فوق عائلات"، وفوق العائلات تقسم
إلى "عائلات"، والعائلات تقسم إلى "تحت عائلات"، وتحت العائلات تقسم إلى "أجناس"
وتضم الأجناس "الأنواع". وهناك أقسام أكثر تفرعا يعرفها الحشريون ويتعارفون على
الأنواع عالميا فيما بينهم!
ومن عائلات الذباب التي تسبب
التدويد Myiasis عائلة النغف "أوستريدى" التي تتضمن أعلى نسبة من الأنواع التي تعيش
يرقاتها كطفيليات إجبارية داخل أجسام الحيوانات الثديية. إنّ أغلب الأنواع الأخرى
التي تميل إلى إحداث التدويد هي أعضاء في العائلات القريبة مثل
"كالليفوريدى". ويوجد تقريبا 150 نوعا معروفا من أنواع الذباب التي تحدث التدويد
على نطاق العالم.
الإصابة
تضع إناث ذباب النغف يرقاتها على
الحيوان العائل مباشرة أو أحيانا تمارس أعمال البلطجة فتستخدم ناقل وسيط أصغر منها
حجما مثل الذبابة المنزلية أو حشرة ماصة للدماء مثل البعوض أو حتى أنواع من
القراد. الذبابة الأصغر أو البعوضة تقتنصها وتمسكها أنثى ذبابة النغف بقوة وتديرها
إلى وضع تتمكن فيه ذبابة النغف من وضع نحو 30 بيضة على جسم الذبابة الصغيرة أو
البعوضة تحت الأجنحة. الذبابة المنزلية أو البعوضة المسكينة الحاملة لبيض النغف
والتى أصبحت رغم أنفها مثل طائرات النقل تكون دائمة الاتصال والاحتكاك
بالحيوان. يرقات ذلك البيض تنشط وتتحفز وتفقس بواسطة الدفء والاحتكاك بالحيوان
الكبير العائل وتسقط من على الذبابة الصغيرة أو
البعوضة الناقلة على جلد الحيوان وتحفر تحت جلده. الذباب المنزلي والبعوض العائل
الناقل الوسيط غالبا ما يستعمل عندما تكون حيوانات العائل قادرة على تمييز ذباب
النغف عندما اقترابه منها وتجفل وتنفر وتهرب منه!! بعض أشكال ذباب النغف يصيب
القناة الهضمية للحيوان بعد تناول الحيوان ذلك البيض أو اليرقات عن طريق لحس ولعق
جلده الذي عليه البيض.
يمكن أن يتسبب التدويد بواسطة
اليرقات التي تحفر في الجلد "أو النسيج المبطن" للحيوان العائل. بعد تمام نمو يرقات
النغف تحت جلد الحيوان أو بداخل معدته وأمعائه تسقط اليرقات كاملة النمو من جلد
الحيوان العائل أو تمر مع روثه لتستكمل طور الخادرة في
التربة. إنهم لا يقتلون عوائلهم من
الحيوانات، ولذلك فهم طفيليات حقيقية ولو أن بعض الأنواع من النغف الذي يصيب
القوارض تستهلك مبايض وخصي الحيوان العائل.
ذباب نغف معدة الخيل يشكل مصاعب
موسمية لمربّى الخيول. فالذباب يضع البيض في المنطقة الداخلية لأرجل الحيوان
الأمامية ومناطق التقاء العظام وركب الحيوان وأحيانا على الحنجرة أو الأنف اعتمادا
على نوع النغف. هذا البيض الذى يشبه قطرات صفراء صغيرة من الدهان (البوية) يجب
إزالته بعناية خلال موسم وضع الذباب للبيض في أواخر الصيف وفى أوائل الخريف لمنع
إصابة الخيول. عندما يفرك أو يحك الحصان أنفه على أرجله ينتقل البيض إلى فم
الحيوان، ومن فمه إلى معدته حيثما تنمو اليرقات وتلصق نفسها بالنسيج المبطن للمعدة
أو تمرّ إلى المعدة الصغيرة وتلتصق بها. إنّ التصاق اليرقات بالأنسجة يسبب أكلانا
بسيطا ينجم عنه تآكل وتقرحات في ذلك المكان. إن إزالة البيض "الذي يلصق
بشعر الحيوان" يعتبر أمرا صعبا، حيث أنّ
عظام وأوتار الحيوان تكون تحت الجلد مباشرة على مناطق التقاء العظام فأى خدش فيها
قد يؤذى الحيوان. ويجب إزالة البيض بواسطة سكين حاد (غالبا شفرة حلاقة) أو ورق
صنفرة خشن ويجب التمكن منه والتقاطه قبل أن يصل إلى الأرض.
تبقى اليرقات ملتصقة بمعدة الحصان
وتنمو لمدة 10-12 شهرا قبل أن تمر للخارج مع روث الحصان. ويلاحظ أصحاب الجياد يرقات
النغف بالمصادفة في روث
الحصان. تلك اليرقات اسطوانية الشكل لونها
محمرّ برتقالي. تتحول تلك اليرقات إلى خادرات (عذارى) تحت التربة، وفى غضون شهر إلى
شهرين تفسق ذبابات النغف من تلك الخادرات لتتزاوج وتضع البيض على الحيوان وتعيد
دورة الحياة. ويمكن مكافحة ذلك النغف بواسطة أشكال متعددة من المبيدات مثل مبيد "داى
كلوروفوس Dichlorovos" ومبيد "تراى كلورفون Trichlorfon" وطارد الديدان "انفرميكتين Invermectin".
من الأضرار المتسببة عن النغف في
الماشية إمكان تلوث موضع وجود اليرقات تحت الجلد بالبكتريا "مانهايمبا
جرانيولوماتيس Mannheimia granulomatis" ، وهى البكتريا التي تسبب مرض ليشيجوانا Lechiguana الذي
يتميّز بنمو سريع لحبيبات متصلبة متعددة تحت جلد الحيوان تزيد من آلام ومتاعب
الحيوان. وبدون مضادات حيوية فان
الحيوان المصاب يموت في غضون 3-11 شهرا.
إن ذبابة نغف الإنسان تستخدم
الإنسان بقدر الله كعائل ليرقاتها. واليرقة بسبب أشواكها يمكن إن تحدث ألما مفرطا
تحت الجلد. عمليات الإزالة تتضمن وضع لحم خام على المنطقة والذي يستميل اليرقة
للخروج. وهناك خيار آخر هو استخدام عصارة شجرة "الماتا تورسالو Matatorsalo"
الموجودة في كوستاريكا والتي تعرف بقتلها لليرقات، وهنا لا تزال اليرقات تحت
الجلد. ويمكن أن يحاول المرء غلق أو قفل فتحة التنفس التي أحدثتها اليرقة في جلد
الحيوان العائل بالفازلين أو
طلاء الأظافر، وبعد يوم يسحب اليرقة
المختنقة الميتة للخارج. ويمكن أن يفيد وضع الشريط اللاصق، ولكنه يحمل خطرا إضافيا
للتلوث لأن أجزاء من أنبوب تنفس اليرقة يمكن أن يتكسّر بواسطة الشريط اللاصق، ويجعل
من العسير إخراج بقية جسم اليرقة الميتة.
الإنسان يأكل
ديدان النغف
في الأجواء الباردة التي يزدهر
فيها نمو قطعان غزال الرّنة أو
الآيل الكبير فان كميات كبيرة من يرقات
نغف "هيبودرما تاراندى Hypoderma tarandi" تتوفر للإنسان في المسالخ خلال ذبح
الحيوانات. هذه اليرقات تعتبر مستساغة في العصر الحديث بواسطة السكان البيض كنوع من
الترف والرفاهية الموسمية! أنهم يتناولونها كطعام شهى مترف حيث تحتوى على مستويات
عالية من البروتين والدهون والأملاح!
انتفاخات تحوى
يرقات نغف الجلد تحت جلد الوعل بعد السلخ
مكافحة ذباب النغف
ذباب النغف (والذي يسمى محليا في
باكستان "مهرو Mehroo" هو ذباب واسع الانتشار على الماشية والماعز على مناطق الهضاب
وأشباه الهضاب في باكستان. يرقات ذلك الذباب تسبب تثقيب الجلد في الحيوانات المصابة
ينجم عنه خسائر فادحة في الصناعات الجلدية. علاوة على ذلك فان خفض إنتاج اللبن وخفض
اكتناز اللحم تعتبر ابتلاءات أخرى من ذلك التهديد. الذبابة الأنثى تضع بيضها على
جلد الحيوان، وبعد الفقس تخترق
اليرقات الجلد من خلال أجربة الشعر، وتبدأ
في رحلة هجرة في اتجاه ظهر الحيوان. وخلال تلك الرحلة تنسلخ اليرقات من العمر ليرقى
الأول إلى الثاني وأخيرا إلى العمر الثالث. هذه اليرقات تحتشد أسفل جلد الحيوان
وتكون عقد صغيرة تسمى "انتفاخات نبرية Warble". اليرقات تصنع ثقوبا أو خروقا في
الجلد للتنفس، وبعد تمام نموها تسقط على الأرض. الذباب اليافع له أجزاء فم مضمحلة
بمعنى أنه ليس له فم للتغذية، ويستمر في الحياة حتى 7 أيام إلى 10 أيام فقط دون أن
يتغذى.
أوضحت الدراسات أن نوع ذباب النغف
في الماعز في باكستان هو "برزهيفالسكيانا سيليناس"، بينما النوع "هيبودرما
لينياتام" يصيب الماشية والجاموس. وبناء على الدراسات على بيولوجية ذلك الذباب فان
مراسم
المكافحة تتضمن حقنة مفردة من انفرميكتين Invermectin الطارد
والقاتل للديدان. إنّ الدراسات الشاملة التى أجريت في مناطق مختلفة أكدت فعالية تلك
الاستراتيجية للمكافحة. تقنية تلك المكافحة تعتبر اقتصادية حيث أنّ العقار يعتبر
فعالا ضد الطفيليات الخارجية وأغلب الطفيليات الداخلية للحيوان. الاستعمال واسع
الانتشار لتلك الإستراتيجية في المكافحة يمكن أيضا أن يحقق استئصال ذباب النغف من
الدولة.
والى اللقاء فى الجزء الثاني 2/2
الأستاذ الدكتور
محمد هاشم عبد الباري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق