وهو الشجاعة
المحمودة والأنفة من الرذائل والنقائص ، وهذا كماله. فإذا جاوز حدّه تعدى صاحبه
وجار ، وإن نقص عنه جبن ولم يأنف من الرذائل.
وهو الكفاية في أمور
الدنيا وحصول البلاغ منها ، فمتى نقص من ذلك كان مهانة وإضاعة ، ومتى زاد عليه كان
شرهاً ورغبه فيما لا تحمد الرغبة فيه.
وهو المنافسة في طلب
الكمال والأنفةُ أن يتقدم عليه نظيره ، فمتى تعدّى ذلك صار بغياً وظلماً يتمنى زوال
النعمة عن المحسود ويحرص على إيذائه ، ومتى نقص عن ذلك كان دناءة وضعف همّـه وصغر
نفس.
وهو راحة القلب والعقل
من كد الطاعة واكتساب الفضائل والاستعانة بقضائها على ذلك ، فمتى زادت على ذلك صارت
نهمة والتحق صاحبها بدرجة الحيوانات ، ومتى نقصت عنه ولم يكن فراغاً في طلب الكمال
والفضل كانت ضعفاً وعجزاً ومهانة.
وهو إجمام النفس والقوى
المدركة الفعالة للاستعداد للطاعة واكتساب الفضائل وتوفرها على ذلك بحيث لا يُضعفها
الكد والتعب ويضعف أثرها ، فمتى زاد على ذلك صار توانياً وكسلاً وإضاعة وفات به
أكثر مصالح العبد ، ومتى نقص عنه صار مُضّراً بالقوى موهناً لها وربما انقطع به.
بين طرفين ، فمتى جاوز
حده صار إسرافاً و تبذيراً ، ومتى نقص عنه كان بخلاً وتقتيراً.
اذا
جاوزته صارت تهمه وظناً سيئاً بالبرئ ، وإذا قصّرت عنه كانت نغافلاً ومبادئ دياثه.
إذا جاوزه كان ذلاً
ومهانة ، ومن قصر عنه انحرف إلى الكبر والفخر.
إذا جاوزه كان كبراً
وخلقاً مذموماً ، وإن قصّر عنه انحرف إلى الذلّ والمهانة.
وضابط هذا كله العـدل ، وهو الأخذ بالوســط الموضوع بين طرفي
الإفراط والتفــريط. فخير الأمــور الوســط
الفوائـد:
ابن قيم الجوزيه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق