كتاب لا تحزن
د. عائض القرني
رفقاً بالمال
ما عال من اقتصد
قال أحدهُمْ :
اجمعْ نقودك إنَّ العِزَّ في المالِ واستغنِ ما شئت عنْ عمٍّ وعنْ خالِ
إنَّ الفلسفة التي تدعو إلى تبذيرِ المالِ وتبديدهِ وإنفاقِه في غيرِ وجْهِهِ أو عدمِ جمعِه أصلاً ليستْ بصحيحةٍ ، وإنما هي منقولةٌ منْ عُبَّادِ الهنودِ ، ومنْ جهلةِ المتصوفةِ.
إنَّ الإسلام يدعو إلى الكسبِ الشريفِ ، وإلى جمعِ المالِ الشريفِ ، وإنفاقهِ في الوجهِ الشريفِ ، ليكون العبدُ عزيزاً بماله، وقدْ قال عليه السلام : ((نِعم المالُ الصالحُ في يدِ الرجلِ الصالح)). وهو حديثٌ حسنٌ.
وإنَّ مما يجلبُ الهموم والغموم كثرةُ الديونِ ، أو الفقرُ المضني المهلك : ((فهلْ تنتظرون إلاَّ غنى مطغياً أو فقراً منسياً)) . ولذا استعاذ عليه السلام فقال : ((اللهم إني أعوذُ بك منَ الكفرِ والفقْرِ)). و ((كاد الفقْرُ أنْ يكون كفراً)).
وهذا لا يتعارضُ مع الحديثِ الذي يرويه ابنُ ماجة : ((ازهدْ في الدنيا يحبّك اللهُ ، وازهدْ فيما عند الناسِ يحبُّك الناسُ)). على أنَّ فيهِ ضعيفاً.
لكنَّ المعنى : أن يكون لك الكفافُ ، وما يكفيك عن استجداءِ الناسِ وطلبِ ما عندهم من المالِ ، بلْ تكونُ شريفاً نزيهاً ، عندك ما يكفُّ وجهكَ عنهمْ ، ((ومن يستغنِ يُغنِه اللهُ)).
وفي الصحيحِ : ((إنك إنْ تَذَرُ ورثَتَكَ أغنياء ، خيرٌ منْ أن تَذَرَهُمْ عالةً يتكفَّفونُ الناس)).
وفي الصحيح : ((اليدُ العليا خيرٌ من اليدِ السُّفلى)) . اليدُ العليا المعطيةُ ، واليدُ السُّفلى الآخذةُ أو السائلةُ ، ﴿يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ﴾.
والمعنى : لا تتملَّق البشرَ فتطلب منهمْ رزقاً أو مكسباً ، فإنَّ الله عزَّ وجلَّ ضمِنَ الرزق والأجلَ والخلْقَ لأنَّ عزَّةَ الإيمانِ قعساءُ ، وأهلُه شرفاءُ ، والعزةُ لهم ، ورؤوسُهم دائماً مرتفعةٌ ، وأنوفُهم دائماً شامخةٌ : ﴿أيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ العِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً﴾.
كتاب لا تحزن
د. عائض القرني
رزقنا الله وإياكم مرافقة الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم فى أعلى جنه الخلد
مسموح بالنشر والتداول دون الرجوع للمسؤل عن المدونة
بشرط ذكر المصدر ووضع لينك للمدونة
Received new subject by e-mail
إستقبل كل جديد على بريدك الالكترونى بالتسجيل على هذا الرابط
مدونة أسكي جروب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق