بـ إشتراكك معنا يصلك كل جديـــد

للإشتراك أدخل بريدك الإلكترونى هنا

ما أسباب الغضب عند الأطفال؟ كيف نعلم أبناءنا التحكم في الغضب؟ كيف نتعامل مع غضب الأطفال؟

ما أسباب الغضب عند الأطفال؟ كيف نعلم أبناءنا التحكم في الغضب؟ كيف نتعامل مع غضب الأطفال؟

الأم: مهلًا, مهلًا, لماذا هذا التشاجر؟
هو الذي ضربني أولًا
لا بل هو الذي بدأ
هو الذي نزع اللعبة مني
لا بل هو الذي لا يريد أن يعطيني اللعبة
الأم وهي تصرخ: كفى, كفى, لقد تعبت من هذا الصداع. هات اللعبة, لا أنت، ولا أنت؛ حتى تتعلما ألا يضرب أحد منكما الآخر


الأم في هذا الموقف تقول: أبنائي عدوانيون. ونحن نقول لها مهلًا أيتها الأم الطيبة!! ومن قال لكِ أن هذا هو العدوان! يبدو أنك لم تعرفي العدوان على صورته الحقيقية!! فستقول لك: انظر كيف يضرب الأولاد بعضهم بعضًا! ولكن الإجابة تأتي وافية شافية: الأول ضرب الثاني لأنه نزع منه اللعبة, والثاني ضرب الأول لأنه يأبى أن يعطيه اللعبة, فهذا غضِب وله الحق أن يغضَب, والثاني أيضًا غضِب وله الحق هو الآخر أن يغضَب. إن الحق مع الجميع، الكل لابد أن يغضب في مثل هذا الموقف.

إن هذه الحقيقة لابد أن تستقر في عقولنا ونحن نربي أبناءنا؛ وهي أننا نربي في مجال واحد وهو مجال الكمال البشري الذي لم يبلغه إلا فرد واحد وهو محمد صلى الله عليه وسلم, فلابد أن نكون واقعيين ومنطقيين ونحن نربي أبناءنا، فنحن لا ننشد المثالية، ولكننا نسعى نحو التميز في ميدان الواقعية، ذلك لأننا بشر ونربي بشرًا ولسنا ملائكة ولا نربي بالجملة ملائكة. وبالتالي فنحن عندما نعالج العدوانية عند الأطفال لا ننشد طفلًا لا يملك من العدوانية واحدًا بالمائة، بل لابد أن نكون معترفين أن هناك قدرًا من العدوانية موجود فينا قبل أن يكون في أبنائنا، إنه الغضب الذي يقومه الشرع ويحدده ويوجهه فيما يُرضي الله ورسوله؛ ولذلك يعلمنا القرآن بأن نقول التي هي أحسن: {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا} [الإسراء: ٥٣]، وتعلمنا كذلك السنة المطهرة ألا نغضب وأن نملك نفسنا عند الغضب، فعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رجلًا قال للنَّبي صلى الله عليه وسلم: أوصني قال: (لا تَغْضَبْ)، فردد مرارًا، قال: (لا تَغْضَبْ) [رواه البخاري]. فوضح القرآن الكريم وبينت السنة المطهرة أن هناك قدرًا من الغضب جبلت عليه النفوس, ولكن يأتي دور التزكية بعد ذلك في انفاذ هذا الغضب في طاعة الله, وكبت النفس عن الغضب طاعة لله أيضًا. فنحن لا نقصد عندما نقول الغضب الطبيعي أنه مباح، أو أنه لا يستدعي توجيهًا من الآباء تجاه الأبناء، لا بل ما نقصده أن هذا الغضب الذي يحتاج إلى تقويم وتوجيه ويتغير ويسكن بهذا التوجيه وهذه التربية, ليس بالكافي لكي نصف به طفلنا بالعدوانية. فعجبًا والله لطفل لا يغضب!! بل وعجبًا أيضًا لإنسان لا يغضب؟

إن الطفل الذي لا يغضب اطلاقًا لا يمكن اعتباره سويًا. فلا يعد الغضب سلوكًا انفعاليًا يجب أن نتعلم كيف نوجهه ونرشده فحسب, بل يعد أيضًا مفتاحًا تربويًا للتعرف على الأطفال الأسوياء من غيرهم, ومن اكتمل نضجهم ونموهم ممن لم يكتمل ذلك لديهم بعد (إن الغضب إذا كان متناسبًا مع المثيرات التي تولده كان ذلك رد فعل طبيعي, فالطفل الذي لا يغضب إطلاقًا لا يمكن اعتباره سويًا. والثورة العنيفة لكل سبب مسألة يجب توجيه الطفل إلى تلافيها, مع ملاحظة أن الغضب الذي يتم كفُّه يومًا بعد يوم خوفًا من العقاب لابد أن يتراكم ويشتد حتى يصل إلى الانفجار في صورة عدوانية تدميرية) [الصحة النفسية للطفل, د.حاتم محمد آدم].

(أما الطفل الذي لا يستطيع التعبير عن غضبه فليست لديه حدود, وسيعامله الجميع بطريقة لا تحافظ على مشاعره, كما أنه سيكون أقل احتمالًا لأن يقول "لا" لضغط أقرانه كلما تقدم به العمر, كما أن لكبت الغضب عواقب سلبية أخرى, فقد سأل مستشار نفسي ذات مرة مجموعة من الأطفال عما يحدث عندما يتم التعبير عن الغضب:
الأطفال: لا
الأطفال: انها تذهب داخلك.
الأطفال: سيرتكب الفرد شيئًا غبيًا أو فقط يشعر بالسوء) [قوة الحديث الإيجابي دوجلاس بلوك].

(فمن النادر أن نجد طفلًا لا يغضب, وإذا وجدناه لا يغضب فعلينا أن نتأكد أنه سليم, فقد يكون ذلك علامة على بطء نموه ونضجه , والطفل يعبر عن غضبه في سنواته الأولى بأعمال غير موجهه ضد أحد لأن غريزة العنف لديه غير متطورة بشكل كاف ولذلك فإنه يعبر عن غضبه بالصراخ والقاء نفسه على الأرض أو النط أو الرفس بالقدمين على الأرض وبعد سن الرابعة تخف لديه هذه التعبيرات ويبدأ باستعمال الألفاظ للتعبير عن غضبه أو التهديد ولا ريب أن درجة انفعال الغضب لدى الأطفال ليست واحدة كما أن رضاهم يختلف طولًا وقصرًا وسرعة من طفل لآخر) [موسوعة التربية العملية للطفل, هداية الله أحمد شاش].

ومن هنا كانت غريزة المقاتلة الناتجة عن استثارة الغضب ليست عدوانًا. (فمن الثابت بالملاحظة التجريبية أن انفعال الغضب هو أحد الاستعدادات العصبية الفطرية النفسية التي تولد مع الإنسان والحيوان, فالإنسان صغيرًا كان أم كبيرًا يغضب في حالات معينة, وكذلك يفعل الحيوان عندما يوجد في موقف يستثير انفعال الغضب, فوجود تحول بين الإنسان وتحقيق غرضه في الإشباع أو الارتياح يستثير غضبه, وعندما يستثار الغضب تكون المقاتلة هي الأسلوب التلقائي للتعبير عن الغضب, وتتضمن المقاتلة توجيه سائر قوى الفرد لإزالة العقبات التي تعترضه للقضاء عليها. وإلى هذا الحد فإننا لا نستطيع أن نصف سلوك المقاتلة بالعدوان, لأنه سلوك تلقائي نابع من ميل فطري لتحقيق حاجة من حاجات الإنسان, وموجه للتغلب على عقبة وضعتها البيئة المحيطة, وعلى هذا فإننا وإن كنا نولد ولدينا ميل فطري للمقاتلة فشتان بين الميل للمقاتلة والعدوان. إننا يمكن أن نتعلم بفضل التنشئة الاجتماعية السليمة أن نغضب ونقاتل من أجل الحق إذا ما حاول أحد إنكاره, ويمكننا أن نغضب ونقاتل من أجل العمل بالأخلاق الحميدة كنصرة المظلوم مثلًا. فينبغي أن نميز بين السلوك الذي يقوم فيه الناشئ بالشجار أو المقاتلة دفاعًا عن النفس وبين السلوك الذي يقوم فيه بالعدوان, فمن الطبيعي أن تعترض الطفل في حياته مواقف يفرض فيها عليه أن يقاتل دفاعًا عن نفسه, أو درءًا لعدوان الآخرين عليه, أو للقضاء على خصم أو للتخلص من شر يتهدده, وهذه كلها مواقف طبيعية في حياة الإنسان لا توصف بالعدوان. والملاحظ أن تلك المواقف تستثير في الإنسان انفعال الغضب, فهو يغضب إذا أهين أو اعتدي على ممتلكاته, أو رأى منكرًا يرتكب أمامه, والغضب والعطاء والميل إلى التشاجر يعد سلوكًا عاديًا عند الأطفال في مرحلة الطفولة الأولى, لكن تلك الأعراض عندما تلازم الطفل لسن متقدمة بصورة عنيفة فإنها تكون عرضًا لسوء التكيف وفي دراسة أجريت على 239 طفلًا بين سن الثانية وسن السابعة وجد أن:
28.9% من هؤلاء الأطفال يعانون من سرعة الاستثارة والضجر.
11.3% كانو يعانون من كثرة العناد والسلوك الطفلي.

(إن الغضب حالة نفسية وظاهرة انفعالية يحس بها الطفل في الأيام الأولى من حياته, وتصحبه في جميع مراحل العمر إلى الممات. ومادامت ظاهرة الغضب خلقًا متأصلًا في الإنسان منذ ولادته فمن الخطأ أن نعد الغضب من الظواهر المستقبحة والحالات الانفعالية السيئة, لأن الله سبحانه لما خلق الإنسان وركب فيه الغرائز والميول والمشاعر كان ذلك لحكمة بالغة ومصلحة اجتماعية ظاهرة. فمن فوائد الغضب, المحافظة على النفس والمحافظة على الدين والمحافظة على العرض والمحافظة على الوطن الإسلامي من كيد المعتدين ومؤامرات المستعمرين. ولولا هذه الظاهرة التي أودعها الله في الإنسان لما ثار المسلم وغضب إذا انتهكت محارم الله أو امتهن دينه أو أراد عدو أن يغتضب أرضه ويستولي على بلاده. وإن كان كثير من علماء الاجتماع والتربية عدوا الغضب من الرذائل الممقوته والعادات المذمومة؛ فإنما يقصدون الغضب المذموم الذي يؤدي إلى أسوأ الآثار وأوخم العواقب, وذلك حين الانفعال والغضب من أجل المصالح الشخصية والبواعث الأنانية, ولا يخفى ما في هذا الغضب من تمزيق للوحدة, وتصديع للجماعة, واستئصال لمعاني الأخوة والمحبة والصفاء في ربوع المجتمع) [تربية الأولاد في الإسلام, عبد الله ناصح علوان].

وما دمنا قد سلمنا بأن الغضب ظاهرة فطرية وسلوكًا طبيعيًا لدى الأطفال؛ فعلينا أن نعرف ما هي الأسباب التي تثير غضب الأطفال حتى تكون تلك المعرفة أول خطوة في توجيه الأطفال نحو كظم غيظهم والتحكم في غضبهم.

يسرق أحدهم كرتي.
يقف أحدهم أمامي في الطابور.
تستخدم أختي لعبي دون اذني.
يسخر مني أحدهم بسبب وزني.
يخلف صديقي وعده.

لا أستطيع أن أجد حلًا لهذه المعادلة الرياضية.
لا أستطيع الحصول على أية مساعدة من المدرس.
أفشل في تسديد الكرات في لعبة التنس.
أريد أن أكون صديقًا لأحدهم ولكنه لا يريد أن يكون صديقي.

عادة ما يتم تجاهلي عند اختيار الفريق.
لن يسمح لي أبواي بأن أتأخر خارج المنزل كما أريد.
دائمًا ما أتهم بالغش بينما لا أفعل ذلك أبدًا.
الاختبار صعب جدًا.
لقد سددت الكرة بشكل صحيح ولكنها احتسبت خطأ عليَّ) [قوة الحديث الإيجابي دوجلاس بلوك].

هذه هي الأسباب الذاتية والتي تكون من جانب الطفل, غير أن هناك أسباب أخرى تكون من جانب المربي, وهي ما نستطيع أن نسميها دواعي الغضب: (فإذا كان من دواعي الغضب وأسبابه الجوع؛ فعلى المربي أن يسعى إلى إطعام الولد في الوقت المخصص, لأن إهمال غذائه يؤدي إلى أمراض جسمية وانفعالات نفسية. وإذا كان من دواعي الغضب وأسبابه المرض؛ فعلى المربي أن يسعى إلى معالجة الولد طبيًا وإعداده صحيًا . وإذا كان من دواعي الغضب وأسبابه تقريع الولد وإهانته بدون موجب؛ فعلى المربي أن ينزه لسانه عن كلمات التحقير والإهانة حتى لا تترسخ في نفس الولد الآفات النفسية والانفعالات الغضبية. وإذا كان من دواعي الغضب وأسبابه محاكاة الولد لأبويه في ظاهرة الغضب؛ فعلى الأبوين أن يعطيا الولد القدوة الصالحة في الحلم والأناة وضبط النفس عند الغضب. وإذا كان من دواعي الغضب وأسبابه لدى الولد الدلال المفرط والتنعم البالغ؛ فعلى المربين أن يكونوا معتدلين في محبة الأولاد, وأن يكونو طبيعيين في الرحمة بهم والإنفاق عليهم. وإذا كان من دواعي الغضب وأسبابه الاستهزاء والسخرية والتنابز بالألقاب؛ فعلى المربين أن يجتنبوا هذه المسببات الغضبية حتى لا تتأصل ظاهرة الغضب في نفسية الولد) [تربية الأولاد في الإسلام, عبد الله ناصح علوان].


إننا (نخطئ عندما نعاقب الطفل على التعبير عن غضبه بسلوك خاطئ ما لم نكن قد علمناه كيف يعبر عن مشاعره وكيف يغضب, فالطفل البريء لا يعرف هذه القواعد والأصول, ويبقى هكذا جاهلًا بها ما لم نرشده ونهذبه وننبهه, وهذه بعض النصائح للمساعدة على هذه المهمة:
2. دعه يعرف أننا نستمع إلى مشاعره ونتقبلها, قل له (أنت محق في غضبك مني لأني لم أستمع إليك, وهأنذا أستمع اليك).
4. ساعده على أن يقول ما يريد, فهو في الغالب سوف يبدأ بالنحيب والشكوى حول ما يزعجه سيقول مثلًا (إن هند أخذت لعبتي) قل (اذهب اليها واطلب منها أن تعيدها لك, أخبرها أنها لك وأنت تريدها).
6. علمه وبإلحاح أن يستخدم الكلمات للتعبير عن غضبه بدلًا من التعبير بالأفعال, علم الطفل أن يقول بصوت مرتفع (إني غاضب) أو (أنت تزعجني) بدلًا من العنف اللفظي أو الفعلي, وأشعره أنك منزعج لانزعاجه ومستعد لمساعدته.
8. أظهر مشاعرك وتحدث عنها بهدوء في لحظات الرضا والغضب واللحظات الإيمانية, ليشاركك فيها ويعبر هو عن مشاعره.
10. لا تنس أن التعبير عن المشاعر يكسب الأبناء شخصية أكثر وضوحًا واستقرارًا وسعادة.
11. ينبغي ألا نجعل الابن يستنكر مشاعره أو يرفضها حتى وإن كانت بسيطة, مثل شعوره بالحزن لفقده اللعبة أو القصة, ولا نستهين بمشاعره الداخلية ونشجعه على إظهارها, فمثلًا من الخطأ أن نقول للطفل (لا يمكن أن تكون متعبًا لأنك مستيقظ منذ فترة قصيرة) أو (لماذا تضربه؟ إنه يبدو لي طفل لطيف) أو (سوف يزول شعورك بالضيق بعد فترة) فمهما كانت هذه النصائح صادقة إلا أنها تنكر عليه مشاعره, فيحاول تبني مشاعرنا نحن أي أننا ندفعه إلى عدم تصديق مشاعره الذاتية.
13. نعلق لوحة نكتب عليها: شعارنا قوله صلى الله عليه وسلم (لا تغضب)
15. نشرح لهم الآيات والأحاديث الواردة في رحمة النبي صلى الله عليه وسلم وفي حلمه, من سيرته ومن حياة السلف الصالح وأقوالهم.
16. نقنن قانونًا منزليًا يمنع التعبير عن الغضب بالسباب أو الضرب) [موسوعة التربية العملية للطفل, هداية الله أحمد شاش].

ليست هناك تعليقات:

أقسام الموقع