فمن فضلها أن الله عز وجل ذكرها في كتابه العزيز في أربعة وعشرين موضعا. منها ما هو بصريح اللفظ. ومنها ما دلت عليه القرائن والتفاسير.
فأما صريح اللفظ ، فقوله تعالى : " هبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم".
وقوله تعالى مخبرا عن فرعون : " أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي".
وقوله عز وجل مخبراً عن يوسف عليه السلام : " ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين".
وقوله تعالى : " وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوآ لقومكما بمصر بيوتا واجعلوا بيوتكم قبلة".
وأما ما دلت عليه القرائن ، فمنه قوله تعالى : " ولقد بوأنا بني إسرائيل مبوأ صدق".
وقوله عز وجل : " وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين " . قال ابن عباس ، وسعيد المسيب ، ووهب بن منبه وغيرهم : هي مصر.
وقوله تعالى : " فأخرجناهم من جنات وعيون وكنوز ومقام كريم".
وقوله تعالى : " وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها". يعني مصر.
وقوله تعالى : " كم تركوا من جنات وعيون و زروع ومقام كريم ونعمة كانوا فيها فاكهين كذلك وأورثناها قوماً آخرين ". يعني قوم فرعون ، وأن بني إسرائيل ورثوا أرض مصر.
وقوله عز وجل : " ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم في الأرض ونرى فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون".
وقوله عز وجل مخبرا عن فرعون : " يا قوم لكم الملك اليوم ظاهرين في الأرض".
وقوله تعالى : " وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون".
وقوله تعالى مخبرا عن قوم فرعون : " أتذر موسى وقومه ليفسدوا في الأرض " يعني أرض مصر.
وقوله عز وجل مخبرا عن نبيه يوسف عليه السلام : " اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم".
وقوله تعالى : " وكذلك مكنا ليوسف في الأرض يتبوأ منها حيث يشاء نصيب برحمتنا من نشاء"
وقوله عز وجل مخبرا عن بني إسرائيل : " ربنا إنك آتيت فرعون وملأه زينة وأموالاً في الحياة الدنيا".
وقوله تعالى مخبرا عن نبيه موسى عليه السلام : " عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض".
وقوله تعالى : " أو أن يظهر في الأرض الفساد". يعني أرض مصر.
وقوله تعالى : " وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى".
وقوله عز وجل : " إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا".
وقوله تعالى مخبرا عن ابن يعقوب : " فلن أبرح الأرض". يعني أرض مصر.
وقوله تعالى : " إن تريد إلا أن تكون جبارا في الأرض".
وذكر ابن عباس مصر ، فقال : سميت مصر بالأرض كلها في عشرة مواضع من القرآن. والله أعلم.
وأما ما ورد فيها من الحديث النبوي صلوات الله وسلامه على قائله فقد روي عن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أنه قال : ستفتح عليكم بعدي مصر ، فاستوصوا بقبطها خيراً فإن لهم ذمة ورحما
وعنه ( صلى الله عليه وسلم ) أنه قال : إذا فتح الله عليكم مصر فاتخذوا بها جندا كثيفا ، فذلك الجند خير أجناد الأرض فقال أبو بكر رضي الله عنه : ولم يا رسول الله ؟ فقال : لأنهم وأزواجهم في رباط إلى يوم القيامة
وعنه ( صلى الله عليه وسلم ) ، وذكر مصر : ما كادهم أحد إلا كفاهم الله مؤونته.
وتكررت الأحاديث في فضلها.
وقال عبد الله بن عمرو : وأهل مصر أكرم الأعاجم كلها ، وأسمحهم يدا ، وأفضلهم عنصرا ، وأقربهم رحماً بالعرب عامة وبقريش خاصة.
وقال أيضا : لما خلق الله عز وجل آدم ، مثل له الدنيا : شرقها ، وغربها ، وسهلها ، وجبلها ، وأنهارها ، وبحارها ، وبناءها ، وخرابها ، ومن يسكنها من الأمم ، ومن يملكها من الملوك . فلما رأى مصر ، رآها أرضاً سهلةً ذات نهر جار ، مادته من الجنة ، تنحدر فيه البركة ، ورأى جبلا من جبالها مكسوا نورا لا يخلو من نظر الرب عز وجل إليه بالرحمة . في سفحه أشجار مثمرة ، فروعها في الجنة تسقي بماء الرحمة . فدعا آدم في النيل بالبركة ، ودعا في أرض مصر بالرحمة والبر والتقوى ، وبارك على نيلها وجبلها سبع مرات . ثم قال : " يا أيها الجبل المرحوم ، سفح جنة وتربتك مسكة تدفن فيها عرائس الجنة ، أرض حافظة مطبقة رحيمة ، لا خلتك يا مصر بركة ، ولا زال بك حفظ ، ولا زال منك ملك وعز ، يا أرض مصر فيك الخباء والكنوز ، ولك البر والثروة ، سال نهرك عسلا . كثر الله زرعك ، ودر ضرعك ، وزكا نباتك ، وعظمت بركتك وخصبت ، ولا زال فيك يا مصر خير ما لم تتجبري وتتكبري أو تخوني ، فإذا فعلت ذلك عراك شر ، ثم تغور خيرك " .فكان آدم أول من دعا لها بالخصب والرحمة والرأفة والبركة.
وقال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما : دعا نوح عليه السلام لابن ابنه بيصر ابن حام وهو أبو مصر ، فقال : اللهم إنه قد أجاب دعوتي ، فبارك فيه وفي ذريته وأسكنه الأرض الطيبة المباركة التي هي أم البلاد . قال عبد الله بن عمرو : لما قسم نوح عليه السلام الأرض بين ولده ، جعل لحام مصر وسواحلها والمغرب وشاطئ النيل . فلما دخل بيصر بن حام وبلغ العريش ، قال : " اللهم إن كانت هذه الأرض التي وعدتنا على لسان نبيك نوح عليه السلام وجعلتها لنا منزلا فاصرف عنا وباها ، وطيب لنا ثراها ، واجمع ماها ، وأنبت كلاها ، وبارك لنا فيها ، وتمم لنا وعدك ، إنك على كل شيء قدير ، وإنك لا تخلف الميعاد " وجعلها بيصر لابنه مصر وسماها به . والقبط ولد مصر بن بيصر بن حام بن نوح.
وسنذكر إن شاء الله أخبار مصر وبنيه عند ذكرنا لملوك مصر ، وهو في الفن الخامس من التاريخ.
وعن كعب الأحبار : لولا رغبتي في بيت المقدس لما سكنت إلا مصر ، فقيل له : ولم ؟ فقال : لأنها معافاة من الفتن ومن أرادها بسوء كبه الله على وجهه ، وهو بلد مبارك لأهله فيه.
وقال أبو بصرة الغفاري : سلطان مصر سلطان الأرض كلها. قال : وفي التوراة مكتوب : مصر خزائن الأرض كلها ، فمن أرادها بسوء قصمه الله تعالى.
وقال عمرو بن العاص : ولاية مصر جامعة ، تعدل الخلافة.
وقال أبو حازم عبد الحميد بن عبد العزيز ، قاضي العراق : سألت أحمد بن المدبر عن مصر فقال : كشفتها فوجدت غامرها أضعاف عامرها. ولو عمرها السلطان ، لوفت له بخراج الدنيا.
تقبلوا منى فائق الاحترام
أخوكم / أبو سيف
|
هناك تعليقان (2):
بارك الله فيك
وجعله فى ميزان حسناتك
وبارك الله لك وجزاك خيرا
إرسال تعليق