بـ إشتراكك معنا يصلك كل جديـــد

للإشتراك أدخل بريدك الإلكترونى هنا

الموت

الموت

كلما سمعت بخبر وفاة أحد مشاهير الدنيا أتذكر مقولة أديب فرنسا الساخر -رابليه - وهو يشير إلي ستائر غرفته قائلا: "إنزلوا الستائر فقد انتهت المهزلة". وكأنه أكتشف لحظة موته أنه كان يعيش في مسرحية وانتهت.



ولكن عندما يحين موعد إنزال الستار. نتمني أننا لم نشارك في هذه المسرحية. ونندب حظنا أننا لم نكن علي مقاعد المشاهدين. ولكن وقتها سيكون الوقت قد فات. وجاء ملك الموت لينتزع أروحنا.

سنجد شريط عمرنا يمر أمامنا في لحظات. سنجد إننا ضيعنا أعمارنا في تفاهات لا تستحق كل هذا الصراع. ونكتشف في نهاية الأمر أننا ظللنا طوال أعمارنا نحارب من أجل أشياء لن نأخذها معنا. كروتشلد الذي دخل خزانة ماله الهائلة، فأغلق عليه بابها، فمات غريقًا في بحر من الذهب. فظل طوال عمره يجمع ذهبا. ومات فيه.

أو كالرجل الذي ضلَّ في الصحراء، وكاد يهلك جوعًا وعطشًا، لما رأى غدير ماء، وإلى جنبه كيس من الجلد، فشرب من الغدير، وفتح الكيس يأمل أن يجد فيه تمرًا أو خبزًا يابسًا، فلما رأى ما فيه، ارتدَّ يأسًا، وسقط إعياءً، لقد رآه مملوءًا بالذهب. فالذهب لن ينقذه من الموت.

وأنت ما قيمة ذهبك الذي تحارب العالم كله من أجله. هل تريد أن تظل تحارب من أجل أشياء لن تأخذها معك؟ هل تريد أن تستمر في هذه المسرحية الهزلية؟

عليك بالتفكير. فطالما أنك تقرأ هذه السطور. فهذا يعني إن ستائرك ما زالت مرفوعة لم تنزل بعد. وبالتالي تستطيع أن تفعل بمسرحك ما تشاء. فمن الممكن أن تحوله مسرحا للفوضي، أو حلقة لصراع الثيران، أو ملحمة إنتحار، أو مائدة قمار، أو تدمره بما تشاء.

بإمكانك الانسحاب من هذه المهزلة. وتجلس في القاعة المكيفة للمتفرجين. تشاهد مسرحية من قصائد الشعر، ونسائم الربيع. فكما يكون قلبك ستكون الدنيا في عينيك.

فأفعل ما تريد. وأطمس الماضي بكل أحداثه السيئة. وأشخاصة. ولا تفعل إلا ما يريده قلبك فقط، ويرضي ربك. حتي ترتاح في نومتك الأبدية.

فتعبك في هذه الدنيا سببه تعب روحك. فروحك من الداخل تصرخ إنها جوعانة ظمآنة، وكلما صارعت من أجل الحصول علي ماديات لن تجد راحتك. لأن روحك تحتاج علاجاً من المكان الذي أتت منه. ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي.

أعلم جيدا أن هذا صعب في بدايته. لكن عند نهاية المسرحية ستكون البطل الحقيقي.

و ستقفز أكبر قفزة في حياتك كما قال الفيلسوف الأنجليزي توماس هوبز. ولن تشعر بانك كنت فوق جبل وأنك تنحدر إلي أسفل كشعور الأديب الألماني فريديريك الأكبر عند موته. لكنك عندما تري دموع من حولك ستكون لديك سكينة؛ لأنك تعلم أنك ستنام نومتك الأبدية وانت سعيد. لأنك تعلم أنك عاهدت الله أنك ستذهب إليه نظيف من الحقد والحسد. صاعدا إليه بقلب سليم.

رفع الستار
بقلم : مروه رسلان

ليست هناك تعليقات:

أقسام الموقع