بـ إشتراكك معنا يصلك كل جديـــد

للإشتراك أدخل بريدك الإلكترونى هنا

إعترافات جاحد

إعترافات جاحد


الحمد لله رب العالمين ، أحمده سبحانه وأستعينه وأستهديه ، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، أما بعد



فبينما كنت جالساً أستمع إلى خطبة الجمعة الماضية ،إذ وقعت عيناى على طفل فى نحو السادسة من العمر ، وهو يلهو فى حجر والده ، وإذا بى أرى مشهداً مؤلماً !! لقد اكتشفت أن ذراع الطفل اليمنى لا تنتهى بكف ولا أصابع ، إعتصرنى الألم ، وقاومت رغبة عارمة فى البكاء ، وجعلت أقول سبحان الله ، ترى أيهما أعظم ابتلاءاً ، الوالد أم الولد؟



إنا لله وإنا إليه راجعون ! دارت بى الأرض ، وشعرت بغصة شديدة فى حلقى ولم أعد أدرى ماهية شعورى تجاه الطفل والرجل ، نسيت الخطبة (أسأل الله أن يغفر  لى ذلك) وامتلأت عيناى بدموع الرحمة والشفقة ، وجعلت أتأمل هذا الولد وهو يقفز ويلهو ، وجعلت أتأمل الوالد وهو راض مستسلم بقضاء مولاه ، ترى ماهو شعوره وولده يقفز حوله وفوقه؟ ،  ماهو شعوره حين يرى مشهد النهايات الضامرة فى ذراعى ولده؟ ماهو شعوره حين يمرر الولد أطراف ذراعيه على وجهه؟ ماهو شعوره الآن وهو يرى ولده وقد تحرك باتجاه كولدير الماء يتحايل على الكوب وعلى مقبض المياه وعلى أكمام ثيابه ليشرب جرعة من الماء ، جرعة يشربها أحدنا دون عناء ودون حيل ودون أن ينتبه أصلاً لحركاته.


لا حول ولا قوة إلا بالله ، إنخلع قلبى ، ودخلت فى نوبة ألم لا يعلمها إلا الله ، نظرت إلى الولد ، تصورت وجهه وجه ولدى الأكبر (عمر) تصورت لو أن ولداً من أولادى كان مكان هذا الولد ، فأى ألم وأى معاناة (حتى آخر العمر) إن بعض السعال من ولدى (عمر) يحيل حياتى إلى هم ، ويقلب سرورى تعاسة ، ولا يهدأ لى بال حتى تخبرنى زوجتى فى الهاتف أن ولدى صار على ما يرام والحمد لله ، فكيف لو كُتب على أن أراه - كلما أراه - بلا أطرافه الأربعة ؟ تصور أخى الكريم ، تصورى أختى الكريمة ، تصوروا أنفسكم تمدون أيديكم لطبيبة التوليد وهى تناولكم طفلكم الذى خرج إلى الدنيا لتوه وقد تحملتم لأجل هذه اللحظة الكثير ، واشتريتم له قفازات وجوارب لأجل الشتاء ، تناولتم الطفل بأسارير منفرجة رغم تعب الشهور فلما وقعت أعينكم على طفلكم رأيتم هذا المشهد الذى يقسم المرء نصفين ، والذى لو لم يعتصم المرء فيه بدين متين ربما طاش عقله ، الطفل الذى طال انتظاره ليس له أطراف لا له يد يأكل ويشرب ويكتب ويدافع بها عن نفسه ولا له أطراف يمشى عليها ويركل الكرة التى اشتريتموها له ظناً منكم أنه سيكون ككل الأطفال.


تذكرت ساعتها أن المرء يدور فى طاحونة الحياة ،ويلعب أدوار كثيرة فى اليوم الواحد ، ويؤدى وظائف عديدة ، ويدخل فى معارك لا نهاية لها ، لكن عند التأمل فإن كثيراً منها لا يستحق كل هذه المعاناة وعند التحقيق فإن كثيراً منها أبعد ما يكون عن المهمة الأصلية التى من أجلها جئت إلى هذا العالم ،فى الحقيقة فإن كثيراً من مشاكلنا ومعاركنا وخصوماتنا  إن لم تضر فقطعاً لن تنفع.


قررت أن أنظر إلى حياتى بشكل مختلف ، قررت أن أول شىء سأفعله حين أعود إلى البيت أن أعانق أولادى عناقاً حاراً وطويلاً ، وأن أقبل أياديهم التى منحها الله لى قبل أن يمنحها لهم.


تذكرت أن المرء ينبغى أن يعيد ترتيب أولوياته بناءاً على أن وظيفته فى هذا الوجود هى أن يكون عبداً لله عز وجل.

قيل إن رجلين تخاصما في أرض، فأنطق الله تعالى لبنة في حائط، فقالت: يا هذان، إلى كم تتخاصمان؟ وعزة الله تعالى إنني كنت ملكاً من الملوك ملكت الدنيا ألف سنة، ثم مت وصرت ترابا ألف سنة، فأخذني خزاف فجعل مني إناء فاستعملت حتى انكسرت، ثم صرت تراباً ألف سنة، ثم أخذني رجل وضرب مني لبنة، وجعلت في هذا الحائط منذ ثلاثمائة سنة. فانصرف الرجلان ولم يتخاصما بعدها.

هناك 4 تعليقات:

حامد كاظم محمد يقول...

الاخ خالد الشافعي اشكرك على هذا الشعور النبيل فان دل هذا الكلام على طيبة الفلب ونقاء السريره اللهم نعوذ بك من قسوة القلوب

Mr. Saad يقول...

اللهم آمين وشكرا لك أخى الكريم حامد كاظم محمد

غير معرف يقول...

هذا المقال رائع يا أخى العزيز وأوافقكك إياه إلى حد بعيد ولكن لدى سؤال ملح وأرجو ممن لديه القدرة على الرد فليرد ولكن ليس ردا تقليديا كعادة الشيوخ بل ردا مقنعا والا فليقل لا اعرف_
السؤال: إذا طلبت ما صانع أثاث أن يعد لك أثاثا معينا وليكن كرسى مثلا، فصنعه لك بأرجل ثلاث بدلا من أربع فهل ستشكره؟ لله المثل الاعلى وأرجو ألا يفهم سؤالى على أنى معترض ولكن فقط للعلم_أتسأل ما هو الوضع الافتراضى والطبيعى للخلق هو أن يخلق الكرسى بأربع أرجل أ ثلاث ومن ثم لماذا أشكره إذا أعطانى الكرسى بأربعة أرجل حيث يتحتم عليه بالفعل أن يكون بأربعة أرجل فهو لم يضف جديدا
ولكن إن أعطانى ما يزيد عن ذلك فله الشكر. لذا فأنا أرى أننا يجب أن نشكر الله على نعمه الاضافيه وخيراته من مال وفير أو فرصة عمل أو مباركة فى نعمة وغيره ولكن ما زلت لا أستوعب هذه النقطة الخاصة بالشكر فيما سبق من خلال القصة
لمن يرد حقا منى جزيل الشكر والامتنان
مع تحياتى
متأمل فى الحياه
mr.hungrymind at yahoo dot com

Mr. Saad يقول...

أكرمك الله يا أخى نحن نشكر الله على أجسامنا السليمه الكاملة دون نقص أو زياده لأن تكون مثلا بثلاث أرجل هيا نفس الوضع إذا كنت برجل واحدة. ومن هنا وجب علينا شكر الله على نعمة كمال الجسد دون نقص او زياده.
كما وجب علينا أن نشكر الله على تمام الصحة والعافية حرصا منا على دوامها
..لأن شكر النعمة يحفظها من الزوال..

أقسام الموقع